سورة التوبة - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{يا أيها الذين ءامَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مّنَ الأحبار والرهبان لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الناس بالباطل} يأخذونها بالرشا في الأحكام سمي أخذ المال أكلاً لأنه الغرض الأعظم منه. {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} دينه. {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله} يجوز أن يراد به الكثير من الأحبار والرهبان فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال والضن به وأن يراد المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه ويكون اقترانه بالمرتشين من أهل الكتاب للتغليظ، ويدل عليه أنه لما نزل كبر على المسلمين فذكر عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم» وقوله عليه الصلاة والسلام: «ما أدى زكاته فليس بكنز» أي بكنز أوعد عليه، فإن الوعيد على الكنز مع عدم الإِنفاق فيما أمر الله أن ينفق فيه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها» ونحوه فالمراد منها ما لم يؤد حقها لقوله عليه الصلاة والسلام فيما أورده الشيخان مروياً عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره» {فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} هو الكي بهما.


{يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ} أي يوم توقد النار ذات حمى شديد عليها، وأصله تحمى بالنار فجعل الإِحماء للنار مبالغة ثم حذفت النار وأسند الفعل إلى الجار والمجرور تنبيهاً على المقصود فانتقل من صيغة التأنيث إلى صيغة التذكير، وإنما قال: {عَلَيْهَا} والمذكور شيئان لأن المراد بهما دنانير ودراهم كثيرة كما قال علي رضي الله تعالى عنه: أربعة آلاف وما دونها وما فوقها كنز. وكذا قوله تعالى: {وَلاَ يُنفِقُونَهَا} وقيل الضمير فيهما للكنوز أو للأموال فإن الحكم عام وتخصيصهما بالذكر لأنهما قانون التمول، أو للفضة وتخصيصها لقربها ودلالة حكمها على أن الذهب أولى بهذا الحكم. {فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} لأن جمعهم وإمساكهم إياه كان لطلب الوجاهة بالغنى والتنعم بالمطاعم الشهية والملابس البهية، أو لأنهم ازوروا عن السائل وأعرضوا عنه وولوه ظهورهم، أو لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة فإنها المشتملة على الأعضاء الرئيسية التي هي الدماغ والقلب والكبد، أو لأنها أصول الجهات الأربع التي هى مقاديم البدن ومآخيره وجنباه. {هذا مَا كَنَزْتُمْ} على إرادة القول. {لأَنفُسِكُمْ} لمنفعتها وكان عين مضرتها وسبب تعذيبها. {فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} أي وبال كنزكم أو ما تكنزونه وقرئ: {تَكْنِزُونَ} بضم النون.


{إِنَّ عِدَّةَ الشهور} أي مبلغ عددها. {عَندَ الله} معمول عدة لأنها مصدر. {اثنا عَشَرَ شَهْراً فِي كتاب الله} في اللوح المحفوظ، أو في حكمه وهو صفة لاثني عشر، وقوله: {يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض} متعلق بما فيه من معنى الثبوت أو بالكتاب إن جعل مصدراً والمعنى: أن هذا أمر ثابت في نفس الأمر مذ خلق الله الأجرام والأزمنة. {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} واحد فرد وهو رجب وثلاثة سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم. {ذلك الدين القيم} أي تحريم الأشهر الأربعة هو الدين القويم دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام والعرب ورثوه منهما. {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} بهتك حرمتها وارتكاب حرمها والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيها منسوخة، وأولوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهن فإنه أعظم وزراً كارتكابها في الحرم وحال الإِحرام، وعن عطاء أنه لا يحل للناس أن يغزوا في الحرم وفي الأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا ويؤيد الأول ما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام حاصر الطائف وغزا هوازن بحنين في شوال وذي القعدة». {وَقَاتِلُواْ المشركين كَافَّةً كَمَا يقاتلونكم كَافَّةً} جميعاً وهو مصدر كف عن الشيء فإن الجميع مكفوف عن الزيادة وقع موقع الحال. {واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين} بشارة وضمان لهم بالنصرة بسبب تقواهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10